عاطف الطيب: المخرج الذي جسّد آلام الشعب وأحلامه في ذكرى رحيله
عاطف الطيب: بصمة خاصة في تاريخ السينما المصرية

تحل اليوم ذكرى وفاة المخرج الكبير عاطف الطيب، الذي وُلد في 26 ديسمبر 1947 ورحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم.
ترك المخرج الكبير عاطف الطيب بصمة لا تُنسى في السينما المصرية، متميزًا بقدرته الفريدة على التعبير عن آلام ومشاكل الطبقة المتوسطة والشعبية.
اقرأ أيضاً:الصراع الداخلي للفنان بين الحب و الجحود: حادثة عمرو دياب نموذجاً
البداية مع “سواق الأتوبيس”
منذ فيلمه الأول “سواق الأتوبيس”، بدأ الطيب في رسم ملامح حياته الفنية بوضوح، وكان يقيم في منطقة بولاق الدكرور، حيث عاش وتعايش مع الناس البسطاء، ونقل بصدق صورة الحارة الشعبية بجمالها الطبيعي دون تجميل أو تشويه، ودائمًا ما كان عاطف الطيب يختار مواضيع أفلامه بدقة لمعالجة مشكلات وقضايا المجتمع، و استطاع أن يعبر بجرأة عن القضايا الحساسة، من خلال أعماله مما جعله واحدًا من أبرز مخرجي الواقعية في تاريخ السينما المصرية.
المخرج عاطف الطيب، ذو الأصول الصعيدية، ولد في جزيرة الشورانية مركز المراغة بمحافظة سوهاج عام 1947، ثم انتقلت عائلته لاحقًا للاستقرار في القاهرة، وعاش بحى باب الشعرية، وبدأ حياته صبى ترزى بجانب دراسته وتسبب حبه للتمثيل في فشله في الالتحاق بالجامعة وانضمامه إلى معهد السينما.حيث التحق بالمعهد العالي للسينما وتخصص في قسم الإخراج، تخرج الطيب من المعهد عام 1970 بتقدير جيد جدًا. كان من دفعته بالمعهد الفنان مصطفى فهمي في قسم التصوير، والفنانة صفاء أبو السعود، والمخرج فاضل صالح.
بين عامي 1971 و1975، قضي عاطف الطيب فترة خدمته العسكرية، ليعود بعدها ويبدأ رحلته السينمائية التي وضعته في مصاف كبار المخرجين المصريين.
عاطف الطيب: مساعد مخرج في أفلام أجنبية:
ساهم عاطف الطيب في العديد من الأفلام الأجنبية التي تم تصويرها في مصر، حيث عمل كمساعد مخرج مع أسماء بارزة في صناعة السينما العالمية، من بين أعماله البارزة، كان مساعدًا للمخرج لويس جيلبرت في فيلم “الجاسوس الذي أحبني”، وشارك مع المخرج جون جيلر من في فيلم “جريمة على النيل”.
كما عمل مع المخرج مايكل بنويل في فيلم “الصحوة”، ومع المخرج فيليب ليلوك في فيلم “توت عنخ آمون”، بالإضافة إلى تعاونه مع المخرج فرانكلين شافنر في فيلم “أبو الهول”.
هذا السجل الحافل يبرز مدى إسهام الطيب في تقديم صورة مميزة عن مصر عبر الأعمال السينمائية الأجنبية.
عاطف الطيب: من “سواق الأتوبيس” إلى “التخشيبة” والإصرار على الإبداع رغم المرض:
بعد النجاح الساحق لفيلم “سواق الأتوبيس”، الذي كان مرشحا لإخراجه محمد خان قبل أن يعتذر ويقول إن عاطف الطيب سيخرجه بشكل أفضل، واجه الطيب تحديا كبيرًا، كان عليه تقديم عمل جديد يحقق نفس المستوى من النجاح، وبالفعل قدم فيلم “التخشيبة” بقصة وحيد حامد، والذي حقق نجاحا كبيرًا.
خلال تصوير فيلم “ملف في الآداب”، تعرض الطيب لأزمة صحية حيث سقط أرضًا وتم نقله إلى المستشفى. كان يعاني من حمى روماتيزمية في القلب، ولكن بمجرد تحسنه قليلاً، عاد لإكمال التصوير وأخفى خبر مرضه عن الفريق حتى لا يؤثر على سير العمل.
كان الطيب يشعر بأنه لن يعيش طويلاً، لذا كان يعمل بجد ويكثف ساعات العمل ليتمكن من تقديم أكبر عدد ممكن من الأعمال الفنية.
عاطف الطيب: جواهري النجوم الذي أعاد اكتشاف عمالقة السينما المصرية:
عاطف الطيب لم يكن مجرد مخرج عادي، بل كان جواهري النجوم الذي أعاد اكتشاف العديد من الممثلين و قدمهم بشكل مختلف و نقلهم نقلة نوعية في مسيرتهم الفنية، من بين هؤلاء النجوم كانت الفنانة الكبيرة لبلبة، التي أبدعت في أداء أدوارها الصعبة و التراجيدية في أفلام مثل “ضد الحكومة” و”ليلة ساخنة”. كما قدم الراحل ممدوح عبد العليم بشكل مؤثر في فيلم “البرئ”، وهالة صدقي في “الهروب”، وأحمد زكي في “البرئ” و”ضد الحكومة”، مما جعل هذه الأعمال علامات هامة في السينما المصرية.
بالإضافة إلى ذلك، كان للفنان الكبير نور الشريف نصيب كبير من أعمال الطيب، حيث شارك في العديد من أبرز وأهم الأفلام التي قدمها نور الشريف، والتي تعتبر علامات هامة في مسيرته السينمائية.
عاطف الطيب كان بحق مبدعًا في تقديم النجوم بشكل متميز وجديد، مسهمًا في تشكيل ملامح السينما المصرية.
عاطف الطيب: مخرج ديكتاتوري ناقش الرأسمالية وشدد على الالتزام:
قضية الرأسمالية في عصر الانفتاح
عاطف الطيب كان أول من تناول قضية الرأسمالية في عصر الانفتاح من خلال فيلمه “كتيبة الإعدام”، كان يعبر في أفلامه عن قضايا مهمة ومعقدة بجرأة ووضوح.
شخصية مهنية صارمة وحياته الشخصية الهادئة:
كان الطيب هادئًا ومحبًا للحياة والضحك في حياته الشخصية، لكنه كان صارمًا في عمله، في كواليس التصوير، كان ديكتاتورًا لا يسمح لأي نجم بإجراء تعديلات أو إضافات على العمل، ولم يقبل بأي شكل من الأشكال أن يتحكم به أي نجم، بغض النظر عن حجمه الفني أو شهرته.
كان الطيب شديد الالتزام بعمله، وكان هو من يختار أبطال أفلامه بنفسه.
موقف حازم من عاطف الطيب مع روبي:
أثناء تصوير فيلم “فتاة المصنع”، رفض الطيب تمامًا السماح للمطربة روبي بتصوير فيلم آخر في نفس الوقت، طلب منها الاختيار بين العملين، مؤكدًا على أهمية التركيز والالتزام.
اتهامات بالخيانة ودعم سياسي:
واجه الطيب اتهامات بالخيانة من الكاتب الصحفي الراحل إبراهيم سعدة، الذي اتهمه ببيع الوطن من أجل المال بسبب فيلم “ناجي العلي” الذي تناول قصة رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، و تدخل أسامة الباز، مستشار الرئيس الأسبق مبارك، لوقف حملة الهجوم على الفيلم وعلى الطيب في الصحافة، مما أظهر الدعم السياسي الذي حصل عليه الطيب في مواجهة هذه الاتهامات.

مشوار فني حافل و قصة الحب الوحيدة في حياة عاطف الطيب:
كانت قصة الحب الكبيرة والوحيدة في حياة المخرج عاطف الطيب مع زوجته السيدة “أشرف”، بدأت القصة في 28 سبتمبر 1982، عندما التقيا لأول مرة، ثم تقدم عاطف الطيب للزواج منها، لكنه لم يكن مستعدًا ماديًا بعد خسارته لأمواله بسبب فشل فيلم “الغيرة القاتلة”، على مدار فترة، ادخر الطيب كل ما يتقاضاه حتى تمكن من توفير مبلغ 2000 جنيه مصري وتقدم لخطبتها. تم الزواج بعد ذلك وظلا معًا حتى وفاته.
بداية مسيره فنيه لا تنسي:
خلال فترة الدراسة وبعدها، عمل عاطف الطيب كمساعد مع عدد من المخرجين البارزين مثل مدحت بكير، محمد شبل، شادي عبد السلام، ويوسف شاهين. قدم أول فيلم طويل له في عام 1982 بعنوان “الغيرة القاتلة”.
اقرأ أيضاً:سر رشاقة ليلي علوى بعد سن الستين .. نصيحة لكل النساء
تجارب ناجحة مع كبار الكتاب
تعاون الطيب مع الكاتب وحيد حامد في خمسة أفلام، ومع بشير الديك في أربعة أفلام، ومع مصطفى محرم في ثلاثة أفلام، ومع أسامة أنور عكاشة في فيلمين. كانت هذه التعاونات مثمرة وساهمت في تحقيق نجاح كبير لأعماله.
تعاون مميز مع رواد السينما المصرية:
يعتبر النجم نور الشريف الأكثر تعاونًا مع الطيب، حيث كان بطلًا لتسعة أعمال من إخراجه، يليه النجم أحمد زكي بخمسة أعمال.
جوائز في حياه عاطف الطيب:
حصل المخرج عاطف الطيب على جائزتين دوليتين عن فيلم “سواق الأتوبيس”، حيث نال جائزة العمل الأول بمهرجان قرطاج السينمائي، وجائزة السيف الفضي بمهرجان دمشق السينمائي الدولي.
نهاية مشوار فني حافل:
توفي عاطف الطيب في عام 1996 بعد إصابته بأزمة قلبية إثر عملية جراحية في القلب، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا مميزًا وقصة حب كبيرة مع زوجته التي استمرت معه حتى النهاية.
عاطف الطيب: المخرج العبقري الذي أضاف 21 فيلمًا إلى القائمة الذهبية للسينما المصرية:
قدم المخرج العبقري عاطف الطيب واحدًا وعشرين فيلمًا خلال خمسة عشر عامًا، ليضيفها إلى القائمة الذهبية للسينما المصرية. كانت أعماله مميزة بجرأتها ومعالجتها لقضايا اجتماعية مهمة، مما جعله واحدًا من أبرز المخرجين في تاريخ السينما المصرية.
اقرأ أيضاً:كندة علوش تكشف عن إصابتها بسرطان الثدى: رحلة شجاعة فى مواجهة المرض
أفلام عاطف الطيب المميزة:
فيما يلي نستعرض بعضًا من أبرز أفلام المخرج الكبير عاطف الطيب، التي تركت بصمة لا تُنسى في عالم السينما:
ونرى أن كل فيلم من هذه الأفلام يعكس رؤية عاطف الطيب الفنية والتزامه بتقديم قضايا المجتمع بواقعية وجرأة، ومساهمة هذه الأعمال في تشكيل ملامح السينما المصرية الحديثة، وجعلت من عاطف الطيب اسمًا لا ينسى في تاريخ السينما المصرية:
أبرز أفلام عاطف الطيب:
أبناء وقتلة.
_ كشف المستور.
_ سواق الأتوبيس.
_ ضد الحكومة.
_ ليله ساخنه.
_ جبر الخواطر.
_ دماء علي الأسفلت.
_ ناجي العلي.
_ قلب الليل.
_ الهروب.
_ كتيبة اعدام.
_ الدنيا على جناح يمامة.
_ البدرون.
_ ضربه معلم.
_ ملف في الآداب.
_ ابتسامه واحده لا تكفي.
_ الحب فوق هضبة الهرم.
_ البرئ.