موعد مع الرعب . قصة قصيرة

موعد مع الرعب

قصة قصيرة….

بقلم مصطفي حسن محمد سليم

كل ماتبحث عنه هو نفسك فقط، ولکن عندما تجد نفسك ستتأكد أنك كنت تبحث عن سراب، وتجد نفسك في النهاية تحاول الهروب من واقعك، للبحث عن شيء ينسيك حقيقة وجودك….
لم يعد بمقدوري التحمل أكثر من ذلك، والبقاء في ذلك الرعب، سوف أرحل عن ذلك العالم، كتبت هذه الكلمات بحروف غير واضحة علي حائط غرفة المكتب بالدماء، التي تناثرت علي أرضية الغرفة، ليتحول المكان بعدها إلي بركة كبيرة وواسعة من الدماء، تحيط بالجثة الملقاة علي أرضية الغرفة والدماء مازالت تنزف منها بغزارة، وقد أنعكس علي جدران الغرفة ظل لشبح حيوان ضخم غير واضح المعالم، يتحرك في سرعة مع ظل الاضاءة الشحيحة التي تضيء الغرفة من الخارج، قبل أن يسود المكان في ظلام دامس…
أنحني وكيل النيابة علي الجثة وهو يعاين مسرح الجريمة، في حين تناثر رجال البحث الجنائي، والطب الشرعي داخل الشقة لجمع الأدلة في مسرح الجريمة، وقام خبير البصمات برفع البصمات من المكان، وأسترعي أنتباهه قطعة قماش صغيرة ممزقة في نافذة حمام الشقة، وبصمة غريبة أصابع القدمين تبدو لحيوان ضخم علي النافذة من الداخل، وفتح خبير البصمات نافذة الحمام لينظر منها إلي خارج الشقة، التي كانت تقع في الدور السابع، ولم يلاحظ أي شيء آخر قد أسترعي أنتباهه وهو يغلقها بأحكام، عندما ألتفت إلي الخلف ليجد وكيل النيابة يتطلع إليه في دهشة، وهو يقول له لا أعتقد أن هناك قاتل تسلل من هذه النافذة لصغر حجمها، فهي بالكاد تكفي لمرور قطة صغيرة، أبتسم خبير البصمات وهو يقول له لم يجول هذا في خاطري ولو مجرد لحظات، ولكن وجود هذه البصمة التي تبدو أنها لقدم حيوان تصيبني بالحيرة ، هناك بعض الحيوانات التي تملك بصمات تشبه الإنسان مثل الشمبانزي، والغوريلا، ودببة الكوالا، وهذه البصمات مهمة للغاية في خدمة هذه الحيوانات، وبقائها وبالنسبة للغوريلا، والشمبانزي، فهي تمتلك بصمات في نهاية أصابع اليدين، والقدمين مثل الإنسان، وأغلب الظن أن هذا الرجل لم يقتله أحد، من الواضح أنها محاولة إنتحار ناجحة، وكل ما يحيط بالجثة من أدلة يقول ذلك، ليس هناك أي بصمات غريبة لأي إنسان في هذا المكان منذ فترة طويلة غير هذه البصمة المحيرة، وأشار علي البصمة الموجودة علي النافذة، زفر وكيل النيابة في حيرة وهو يغادر غرفة الحمام قائلا أنا شخصيا لا أحب التسرع في تحليل النتائج مبكراً، أوأغلاق أي قضية قبل نهاية التحقيقات فيها، ثم أشار لرجال الطب الشرعي بعد إنتهائهم من عملهم بحمل الجثة ومغادرة المكان….
وقف وكيل النيابة يتأمل انهمار المطر من نافذة غرفته، عندما أسترعي أنتباهه طرقات خفيفة علي باب غرفته وهو يلتفت إلي الخلف، ليجد الجندي الواقف علي باب غرفته يفتح باب الغرفة وهو يقول له هناك رجل بالخارج يصر علي مقابلة حضرتك، ويقول انه لديه معلومات مهمة في قضية إنتحار المعادي ، أشار له وكيل النيابة بإن يأذن له بالدخول علي الفور، جلس الرجل في توتر علي المقعد الذي أمام مكتبه وهو يقول له أنا أعرف أن القضية تم غلقها، وسبب تأخري في الحضور للإدلاء بهذه المعلومات، هو أنني وصلت من السفر صباح اليوم فقط، لقد عرفت بمجرد وصولي بوفاة سالم، وقد كان الأمر مفاجأة كبيرة لي لأنه نفذ تهديده بالإنتحار، وقد كان من الواجب أن أحضر للإدلاء بأقوالي، ربما يبدو ماسأقوله الآن لايصدقه عقل، ولكن هذا ماحدث بالتفصيل، نحن مجموعة أصدقاء من يوتيوبر، لقد كنا ثلاثة من الأصدقاء نمارس هواية غريبة بعض الشيء، وهي أستكشاف الأماكن المهجورة، والمسكونة بالجن، وقد حضر معنا سالم مرة واحدة فقط عندما سمع عن الأمر مني، وقرر الذهاب معنا في مغامراتنا الجديدة، في البداية رفضت لمعرفة أن قلبه ضعيف لايتحمل مثل هذه المخاطرة، ولكنه أصر علي ذلك، وذهبنا إلي منزل مهجور علي أطراف القاهرة في منتصف الليل، من المعروف عنه أنه مسكون بالجن، والعفاريت، وعندما دخلنا المنزل كان كل شيء يسير بشكل عادي، حتي انطفأ المصباح الذي نحمله معنا لانارة المكان، وأحاط بنا فجأة هواء ساخن لفح وجوهنا بسرعة، ثم سمعنا صوت صرخات سالم تأتي من غرفة في قبو المنزل، ونحن لانعرف كيف نزل إليه وقد كان معنا منذ لحظات، وعندما نزلنا إلي هناك، وعلي ضوء كشاف هواتفنا، لم نجد أي أثر له، وعندما صعدنا مرة أخري إلي الأعلي، وجدنا سالم فاقد الوعي، وقمنا بإخراجه من المكان بسرعة، والعودة إلي سيارتنا مرة أخري، وعندما أستعاد وعيه ظل يحدق في وجوهنا لعدة لحظات في رعب، ثم أخذ يصرخ في هستيريا، وهو يشير نحو المنزل الذي كنا فيه منذ دقائق، وهو يقول لنا أنه قد شاهد شبح لحيوان ضخم، أخذ يلاحقه حتي أصطدم رأسه في أحد الأبواب الخشبية وهو يحاول الهروب منه، ليسقط بعدها فاقد الوعي تماماً، وطلب منا أن نعيده إلي منزله بسرعة، ومنذ ذلك اليوم وقد تحول إلي إنسان آخر لقد تغير سلوكه بشكل كامل، وذكر لي أكثر من مرة ظهور شبح ذلك الحيوان الضخم له داخل منزله عدة مرات، وأنه قد قام هذا الحيوان بمحاولة خنقه، ومحاولة دفعه له من بلكونة شقته في مرة أخري، وأنه يفكر في الإنتحار للهروب من ذلك الكابوس، أنا أعلم أنها غلطتي من البداية لأنني سمحت بموافقتي لاصطحابه معنا في هذه المغامرة، تطلع وكيل النيابة إلي ملامحه في هدوء وهو يقول له مبدئيا، أنا لا أتفق معك في أن سبب إنتحار صديقك سالم هو هذه الخرافات التي تحدثت عنها منذ قليل، ربما كان صديقك مريض نفسي يتخيل حدوث أشياء في خياله غير موجودة بالفعل، عموماً لقد أستبعدت التحريات أن يكون وراء الحادث عمل جنائي، وفقا للمعلومات الأولية ومعاينة موقع الحادث، الذي أثبت عدم وجود أية آثار للعنف، أوكسر لباب الشقة وهو مايؤكد أستقرار الحالة داخل الشقة، وأيضا تشريح الجثة قبل السماح بدفنها، لقد أخترع سالم في خياله كل ذلك للهروب من أمر ما، وقمت أنت بتصديقه في ذلك الأمر، وفي النهاية الأدلة والتحريات هي ماتقرر وجود جريمة قد أرتكبت أوعدم وجود جريمة في الأساس.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.