أسرار الجراح الخفية داخل آلام مستترة وراء ساتر من الابتسامات العريضة

قد لا نتمكن من تغيير الماضي أو محو الألم، لكن يمكننا أن نختار كيفية التعامل معه

 

 

الجراح الخفية: آلام مستترة وراء الابتسامات العريضة

 

بقلم ريهام طارق 

يختبئ كل منا في حياته وراء أسرار خفية تحمل في طياتها آلاماً و جراحاً عميقة لا يشعر بها أحد سوى صاحبها فقط ، تلك الجراح قد تكون نتاج تجربة مريرة، مرض.. خذلان..فراق.. فقد..فشل..خيبة أمل كبيرة، أو موقف صعب مر علينا وترك ندوباً لا تندمل بسهولة. 

و نختار أن نخفي تلك الآلام خلف ابتسامات عريضة، و نحاول أن نظهر للعالم بصورة مغايرة لما نحن عليه بالفعل، ونحن نرتدي قناع السعادة ونواصل الحياة بوجه بشوش مشرق.

أحد أسباب اختيار الكثير منا لإخفاء جراحهم هو الخوف من حكم المجتمع الذي قد لا يكون متفهماً بما يكفي لـ معاناتنا، وقد يرانا ضعفاء إذا أظهرنا ألمنا.

نحن نخشى أن نصبح موضع شفقة أو نكون عبئا على الآخرين بـ مشاعرنا السلبية، لذا، نفضل الصمت، و نحمل على عاتقنا عبء الألم وحدنا.

هذا الصمت القسري قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم الجرح بدلاً من شفائه.

التظاهر بالسعادة ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب جهداً نفسياً هائلاً، ومحاولة التوازن بين الواقع المرير والواجهة السعيدة قد تكون مرهقة للغاية، كثيرون منا يجدون أنفسهم عالقين في دوامة من المشاعر المتناقضة، حيث يتأرجحون بين الرغبة في الإفصاح عن آلامهم والحاجة إلى الاحتفاظ

بـ كرامتهم وقوة مظهرهم الاجتماعي. 

هذا التناقض الداخلي قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والجسدية، والعديد من الأبحاث تشير إلى أن كبت المشاعر السلبية وعدم التعبير عنها قد يزيد من مستويات التوتر والقلق، مما يؤثر بدوره على الصحة العامة، لذا، من المهم أن نجد طرقاً للتعامل مع تلك الجراح بشكل صحي وفعال، حتى لو كان ذلك يعني الحديث إلى شخص موثوق أو طلب المساعدة المهنية.

إن فهم حقيقة أن الجميع يحملون جرحاً خفي قد يساعد في خلق بيئة أكثر تعاطفاً و تفاهماً، عندما ندرك أن الشخص الذي يبدو سعيداً قد يكون يعاني في داخله، لذلك نصبح أكثر لطفاً و رفقاً في تعاملاتنا اليومية.

يمكن أن يكون الاستماع بصدق إلى الآخرين والاهتمام بما يقولونه خطوة أولى نحو دعمهم ومساعدتهم في رحلة الشفاء.

في النهاية، الجراح الخفية جزء من تجربتنا الإنسانية المشتركة، و كل جرح يحمل في طياته قصة، وكل قصة تستحق أن تروى.

قد لا نتمكن من تغيير الماضي أو محو الألم، لكن يمكننا أن نختار كيفية التعامل معه بالتعبير عن مشاعرنا والبحث عن الدعم، يمكننا أن نبدأ في شفاء تلك الجراح، ونجد القوة لـ نواصل الابتسام بصدق، ليس لإخفاء ما بداخلنا، بل لإظهار قدرتنا على التغلب على الصعاب.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.