فضفضة أنثى حول خمسينات العمر.. لا حد عمريّ للحب
فضفضة أنثى حول خمسينات العمر.. لا حد عمريّ للحب
بقلم: د. رحاب أبو العزم
قد يمر بنا الحب مرات عديدة؛ إما أن يزور القلب ويصبح ضيفًا ثم مالكًا وهذا لا يحدث إلا مرة واحدة قد نشعر به في العشرينات، وقد يمر في الأربعينات، وقد يأتينا ليمتلك القلب والفكر ونحن على أعتاب كهولة وشباب الخمسين، ينسج خيوط الروح من جديد ليصبح الأعمق والأقوى والأصدق والأروع على الإطلاق…
يحمل براءة الطفولة وعنفوان العشرينات وحكمة النضوج، يحمل المشاعر الفريدة التي تمتزج ملامحها بين نظرة المراهق وعقل الحكيم…
إنه الحب بوجهه الحقيقي يبني في حياتنا مدينة الأفراح، ويرتقي بنا إلى أعلى منازل المتعة. لا يعرف الحب عمرًا ولا حدًا ولا ملامح؛ فكم من شاب وقد اندثر حبه في مشيب قلبه، وكم من كهل كسر الحواجز وطار المسافات ليقابل حبيبًا فأعادا سويًا مهجة الفؤاد
*أنثى الأربعين والخمسين*
إن الأنثى هي امرأة عاشت بروح مشتعلة حاربت لتعلو بروحها وتنطلق، لتصنع من ألمها طريقًا لنجاحها، وهي لا تُباع ولا تُشترى بل تحارب من يخذلها وتنير حياة من يجعلها سيدة آمنة، إنها تتجاهل بسخرية من استهزأ بمشاعرها وتبهج حياة من جعلها قرة عينه، إن لم يعجبها الحال تتقبله هادئة؛ فقط تعطي ظهرها وتنطلق لتبدأ حياتها مع من أدار حياته ضد البشر من أجل فرحة قلبها. إن الأنثى في الأربعين والخمسين ذات رداء آخر، وذات رونق آخر؛ هي البارعة في أنوثتها ودلالها، وهي المدللة والمرحة، وهي المزيج العجيب بين الجنون والعقل وبين الجموح والحكمة.
حينما نتأمل دواخلها نتعجب من أمرها؛ فهي تحمل في عقلها مجموعة من القواعد والقوانين التي تبدو وكأنها متناقضة، فهي إعصار في حبها وهي إعصار في كراهيتها وهي إعصار في فرحتها وإعصار في غضبها، هي مجموعة من متناقضات السحر الممتع. قد تملك قدرة غريبة في إخفاء الحزن حتى لا تستعطف البشر فهي القوية الشامخة
وقد تنهار بدمعتها لتبوح بضعفها وترتمي بين ذراعي الزوج الحبيب لتصارحه قائلة: أنا أضعف مما تتخيل، أنا الشديدة أمام العالم والورقة بين أنفاسك، وهي الطفلة الباكية رفيقة اللين والمودة، والمرأة الناضجة تطرح حلولًا ومقترحات يندهش لها الرجال السادة.
*لغة الأرواح*
وأنثى الخمسينات ربما -كالرجل- تجد الحب الحقيقي في عمر كمال نضجها، تتحدث مع رجل لا تعرفه بل لا يمت لها بصلة، وتشعر أنه يقرأ أفكارها، وتفضفض له كأنها تعرفه، وتدرك تفاصيله وقد يفصل بينها وبينه مئات الأميال، وربما تسعد وهي تفضي له بأسرار حياتها عن طيب خاطر وتهنأ أثناء الحديث معه وينتهي يومها فتفتقده، وينتابها الفضول لمعرفة أخباره وتشعر بشيء ما ينقصها إن لم تتواصل معه؛ فتبدأ لغة الأرواح في فرض مفرداتها عليها وعلى الرجل في عمرها، لغة الأرواح إن تعارفت تآلفت بلا مقدمات وبلا سبب بشري، وهي لغة لا يعلم خفاياها إلا خالقها. وعبر سطور لغة الأرواح تشعر الأنثى بأنها تستحق شخصًا يمنحها جناحين تحلق بهما في فضاء حياتهما آمنة مطمئنة، وتستحق شخصًا يراها هي الدنيا وحلاوتها يستمع إليها وهي تنصت إلى دقاته لها، تستحق شخصًا يجبر كسرها لتكون له عكازًا لمخاطر الزمن.
هي وهو بحاجة إلى الاطمئنان وراحة البال فهي أحاسيس لا تشترى بالمال إنما تشترى بالوفاء. من لحق بقطار الخمسين وجهل مكان محطة تآلف الأرواح فلن يصل لسكون الروح وهدوئها.